text
stringlengths 0
24.4k
|
---|
المنطلقات.
|
وفقًا لروكويل، تعود جذور التحررية الأصليّة إلى مفكرين من أمثال «لودفيج فون ميزس، وألبيرت جيه نوك، وجاريه جاريت، وسائر حركة اليمين القديم خلال فترة ما بين الحربَين العالميّتين والتي عارضت برامج الصفقة الجديدة الاقتصادية وفضّلت الجمهورية القديمة». كما ميّزت نفسها عن الليبرتاريين الجدد، أو "لبيرتاريّة الطريق الدائري" (وهو مصطلح أطلقه صقور الليبرتاريّين على الليبرتاريين الذين كسِبوا بعض السلطة في العاصمة واشنطن)، وعن الليبرتارية اليسارية، وليبرتارية نمط الحياة. كما يذكر روكويل أنّ «التحررية الأصلية قد تصالحت مع فكرة الدين كقاعدة للحرية، والملكيّة، والنظام الطبيعي».
|
نمت التحررية الأصلية كرد فِعل معارض للتقدميّة الاجتماعية التي تميّزت بها الليبرتارية السائدة. في مقاله «دفاعًا عن التحررية الأصلية»، اتهم روكويل الليبرتارية السائدة بكونها «تكره الثقافة الغربية». كما جادل بأن «التصوير الإباحي، والتفكير الحرّ، والرسم الفوضوي، والموسيقا الأتوناليّة، والأدب التفكيكي، ومِعمار باوهاوس، والأفلام الحداثية، جميعها لا ترتبط بأي أجندة ليبرتارية –مهما ادّعى الكثيرون من أفراد الليبرتاريّة بأنّهم يستمتعون بها». أما عن الليبرتاريين الأصليين فقد كتب ما يلي: «إننا نلتزم بتقاليد السلوك والذوق، لأنه علينا أن نلتزم بها». بعد شرحه سبب تقديم المحافظين ثقافيّاً حجة بالِغةً دفاعاً عن الحرية للطبقة الوسطى، تكهّن روكويل: «في الحركة الجديدة، فإن الليبرتاريين الذين يجسّدون الفساد الحالي سيتيهون في نظامهم الطبيعي، وحزبهم الليبرتاري، الذي لم يكن سوى منبرهم الشيطاني».
|
التاريخ المبكر.
|
في مقاله «شعبوية اليمين: استراتيجية للحركة التحررية الأصليّة»، تطرّق روتبارد إلى مدى مقدرة الليبرتاريين الأصليين الانخراط في «برامج توعية ذوي الأعناق الحمراء (الريد نيكس)» تكون راسخةً في التيار المحافِظ الثقافي والليبرتارية الراديكالية. وذكر روتبارد السيناتور الأمريكي السابق جوزيف مكارثي كمثالٍ على شخصيات الحركة الجديدة.
|
في تسعينيات القرن العشرين، «تشكّل الحِلف بين المحافظين الأصليين والليبرتاريين الأصليين»، متخذين من نادي جون راندولف مركزًا لهم والذي أسسه توماس فليمنغ الكاثوليكي التقليدي. ساند كلٌّ من روكويل وروتبارد المرشح الجمهوري ذي التوجّهات المحافظة الأًصلية بات بيوكانان في الانتخابات الأمريكية الرئاسية في العام 1992، ووصفا بيوكانان على أنه القائد السياسي لحركة «الباليو». في العام 1992، أعلن روتبارد أنه «في حال كان بات بيوكانان قائدنا، فسنهزم الديمقراطية الاشتراكية».
|
بعد ثلاث سنوات، قال روتبارد إن بيوكانان آمن زيادةً عن اللزوم بالتخطيط الاقتصادي والسلطة المركزية للدولة، وهو ما دفع الليبرتاريين الأصليين في نهاية المطاف للانفضاض عنه وسحب دعمهم له. إضافةً لما طرحه بيوكانان من "النزعة القومية الاقتصادية"، اشتكى باول غوتفريد لاحقًا من نقص الدعم، والنزاع الداخل، وعداء الإعلام أو التعتيم الإعلامي التام، وتشويه سمعتهم على أنهم «عنصريون» و«معادون للسامية».
|
الجدل.
|
تصف عالمة السياسة والناشطة جين هارديستي التحررية الأصلية على أنها تستلزم «عنصرية واضحة، معاداةً للسامية، وتمييزًا على أساس الجنس». تذكر كذلك مديح روتبارد لكتاب «منحنى الجرس» الذي يقدّم ذكاء الأفراد السود على أنه إحصائيّاً أقلّ منه لدى غيرهم من الأعراق. كما تذكر حقيقة نشر مجلّة روتبارد-روكويل ريبورت مقالًا كتبه سام فرانسيس، يؤكّد فيه على أنه «من بين العِرقَين الرئيسيين الموجودين في الولايات المتحدة، يتميّز واحدٌ منهما فقط بالقدرة على الإبداع والاستدامة» للمستويات المناسبة للحضارة.
|
رسائل رون بول الإخباريّة.
|
أكدت مجلّة ريزون الليبرتارية على أن «عدّة ناشطين ليبرتاريّين عريقين -بمَن فيهم بعض المقرّبين من رون بول للآن- ذكروا أن كاتب الظلّ الرئيسي لدى بول هو: مؤسس معهد لودفيغ فون ميزيس، لو روكويل جونيور». أنكر روكويل ذلك جملةً وتفصيلًا.
|
الإحياء.
|
الولايات المتحدة.
|
في العام 2012، جادل الكاتب السابق في ناشونال ريفيو جون ديربيشير بأنه «منذ أن انضم لو روكويل إلى لارازا» (في إشارة إلى المقال المنشور على موقع LewRockwell.com والذي دعا بلينٍ إلى فتح الحدود) فإن هانز-هيرمان هوبه هو آخر الليبرتاريين الأصليين الثابتين على الموقف. رغم ذلك فإن التحررية الأصلية ما زالت موجودة في الولايات المتحدة، بوجود كارين دي كوستر، وجاستين ريموندو اللذين ما زالا يستخدمان المصطلح ليعرّفا عن نفسيهما، خلال وبعد الحملات الرئاسية التي خاضها رون بول.
|
في حركة مشابهة لدعم وروتبارد للمرشح الرئاسي بات بيوكانان سابقًا، كان لو روكويل متعاطفًا مع إمبراطور العقارات الشهير دونالد ترامب عندما خاض انتخابات الرئاسة في العام 2016، وبالأخص دعمًا لسياسة ترامب المتشددة تجاه هجرة المكسيكيين إلى أمريكا. كان لجاستين ريموندو نفس الموقف، إذ انتخب ترامب بسبب مواقفه من السياسة الخارجية. يُذكر أنه قبل الانتخابات الرئاسية في العام 2016 نصح اللاسلطوي-الرأسمالي وعالم الاقتصاد المنتمي للمدرسة النمساوية للاقتصاد والتر بلوك خلال مناظرة ضد رئيس تحرير Reason.com، نيك جيليسبي، نصح الليبرتاريين وخصوصًا أولئك الذين يقطنون في الولايات ذات الثقل الأكبر انتخابيّاً بالتصويت لترامب، بدلًا من مرشح الحزب الليبرتاري، غاري جونزن، ذاكرًا الاختلافات التي تخص السياسة الخارجية بين المرشحًّين الجمهوري والديمقراطي المتقدّمين.
|
تماشيًا مع هذه الآراء، أصدرت الكاتبة الصحفية الباليوليبرتارية، إيلانا ميرسير، في يونيو 2016 كتابًا عن الرئيس الحالي دونالد ترامب. كان كتاب «ثورة ترامب: تفكيك دمار ترامب الخلّاق» أول وثيقة فاحصة ناقدة لترامب الذي كان حينها مرشحّاً رئاسيّاً، من وجهة نظر ليبرتارية يمينيّة. لاحظ الباحث الليبرتاري-الموضوعي الدكتور كريس ماثيو سيابارا في مناقشته لكتاب ميرسير أن ميرسير كانت تؤيّد «ليس بالضرورة سياسات ترامب، بل "سيرورة ترامب"». ووفقًا لسيابارا فأكثر حجج ميرسر إثارةً للاهتمام هي «ترسيخ الحرية من خلال تحطيم دونالد ترامب نظام الغنائم السياسية المشبّك: عقدة الإعلام، وعقدة السياسة والحزب، وعقدة المدّعي المحافِظ. في عصر الحكومة غير الدستورية -سواء كانت ديمقراطية أم جمهورية- فيمكن لعملية التدمير المبدعة هذه أن ترفع من حاصل الحريّة الناتج».
|
ذكر جيف ديست، رئيس معهد ميزس، مجمّع الفكر الليبرتاري الداعي لأفكار روتبارد اللاسلطوية-الرأسمالية المتبنّية لأفكار المدرسة الاقتصادية النمساوية، أن الكتابات التي قرأها من إنتاج اليمين البديل «مثيرة للاهتمام... وإلى حدّ ما تجديديّة». في العام 2017، ختم ديست خطابًا له في معهد ميزس بعنوان «إلى الليبرتاري الجديد»، بقوله: «بمعنىً آخر، ما تزال روابط الدم، والأرض، والرب، والأمة مهمّة بالنسبة للأفراد. يُغفل الليبرتاريون هذا بداعي عدم جدواها». أدى هذا إلى نقد من الليبرتاري الكلاسيكي-الجديد، ستيف هورويتز الذي حاجج بأن، «استحضار فكرة "الدم والأرض" على أنهما شيءٌ ينبغي لليبرتاريين أن يأخذوه بالحسبان كاهتمام وجيه وذي جاذبية، هذا ما يجب أن تقشعر له الأبدان. تلك العبارة، ذات التاريخ الذي يعود إلى القرن التاسع عشر على الأقل، كانت محورية في أدبيات الحركة النازية وكانت جوهر تبريرهم لإبادة الشعوب التي لم تكن ذات صِلةٍ بالوطن الألماني». لهذا السبب، قال هورويتز إن الليبرتارية لا يجب أن تكون مبنية على ارتباطات ضيقة مثل العائلة، أو الدين، أو الثقافة، أو المجتمع المدني، ولكن على «التسامح الليبرالي، والعالميّة، والكونيّة، أن تضع حرية وتآلف جميع الشعوب فوق أي مصالح مفترضة لأي جماعة فرعيّة ضيّقة، وخصوصًا تلك التي تُعرّف وفقًا للحدود المصطنعة للدول والأمم وما دونهما».
|
النثر الأغسطسيّ مُبهم إلى حد ما، فتعريف «أغسطسيّ» يعتمد في المقام الأول على التغييرات في الذائقة الشعرية. على كلٍ، شهد الزمن العام الذي يمثله الأدب الأغسطسي بروز كتابة النثر باعتباره أدبًا رفيعًا. ازدهرت كتابة المقالة، الأهجوة، والحوار (الفلسفي والديني) في ذلك العصر، وبدأت الرواية الإنجليزية رحلتها الفعلية كصنفٍ فني هام. في بداية العصر الأغسطسيّ، كانت المقالة ما تزال قائمة على التقليد بالأساس، كانت الروايات قليلة تهيمن عليها الرومنسية، وكان النثر صيغة هجائية نادرة الاستخدام، لكن بحلول نهاية العصر، أصبحت المقالة طابعًا دوريًا تام التشكيل، تجاوزت الروايات الدراما بصفتها ترفيهًا ومُتنفسًا لكتاب مهمين، وشغل النثر كل وظيفة يمكن تصورها في الحوارات العامة. إنه العصر الأكثر تقديمًا لعملية الانتقال من أدب شاعري متمحور حول المجالس إلى عالم أدبي نثري لا مركزي وأكثر ديمقراطية.
|
الشرط اللازم لمعرفة القراءة والكتابة.
|
يصعب تقدير نسبة معرفة القراءة والكتابة في بدايات القرن الثامن عشر بدقة. ومع ذلك، يبدو أن نسبتها كانت أعلى بكثير مما يشير إليه معدل الالتحاق بالمدارس وأن معرفة القراءة والكتابة وجدت طريقها إلى الطبقات العاملة، بالإضافة إلى الطبقات الوسطى والعليا (تومبسون). شددت الكنائس على ضرورة قراءة كل المسيحيين للكتاب المقدس، وأُمليت تعليمات على مُلاك الأراضي توجب عليهم تعليم الخدم والعمال القراءة والكتابة وتلزمهم بقراءة الكتاب المقدس لهم جهارًا. فضلًا عن ذلك، لا يبدو أن معرفة القراءة والكتابة كانت حكرًا على الرجال، مع أن تحديد نسبة الإناث المتعلمات أمر بالغ الصعوبة. تمتعت بعض الأعمال النثرية بتداول جيد خارج نطاق المتعلمين، حتى في المناطق حيث كان العمال أميون، إذ إنها كان تُقرأ بصوت عالٍ عليهم.
|
بالنسبة للمتعلمين، بدأت مكتبات التداول في إنجلترا في الفترة الأغسطسية. كانت أولاها في مدينة باث عام 1725 على الأرجح، لكنها انتشرت بسرعة شديدة. اشترت المكتبات مجموعات المواعظ وكتب الأخلاق، وكانت متاحة أمام الجميع، لكنها كانت مقترنةً بمناصرة الأنثى وقراءة الرواية. فتحت مكتبات التداول أمام النساء، على وجه الخصوص، مجالًا لإشباع رغبتهن في قراءة الكتب دون مواجهة نفقات الشراء. بقدر ما كانت الكتب ما تزال تُعتبر أداة للعمل بالدرجة الأولى، أي كتاب وُجد لمجرد الترفيه كان عرضة لتهمة الرعونة. لذلك، تشهد مبيعات الروايات والترفيهيات الخفيفة على طلب شديد جدًا على هذه الكتب في واقع الأمر.
|
المقالة/ الصحافة.
|
أصبحت «مقالات» مونتسكيو متاحةً أمام الكتّاب الإنجليزيين في القرن الثامن عشر، باللغة الفرنسية وبترجمتها، ومارست نفوذًا على عدة كتاب لاحقين، من كلا ناحيتي الشكل والمحتوى، لكن المقالة الإنجليزية تطورت بمعزل عن التراث القاري. في نهاية عهد الاستصلاح، بدأ الأدب الدوري بالرواج. وكان عبارة عن توليفات من الأخبار مع أسئلة القراء وتعليقاتهم حول المسائل الأخلاقية وأخبار النهار. وبما أن المطبوعات الدورية كانت منخفضة تكاليف الإنتاج، وتُقرأ بسرعة، ووسيلة عملية للتأثير على الرأي العام، ازدادت أعدادها بصورة هائلة بعد نجاح ذا أثينيان ميركُري (ازدهر في تسعينيات القرن السابع عشر لكن نُشر في كتاب عام 1709).
|
في السنوات الأولى من القرن الثامن عشر، لعبت معظم المطبوعات الدورية دور وسيلة تمكن مجموعات الأصدقاء من تقديم نظرة سياسية متسقة نسبيًا، وكانت هذه المطبوعات تحت إشراف بائع كتب.
|
على كلٍ، تفوق أحد المطبوعات الدورية على كل أقرانه في المبيعات وسيطر عليها، وجاء بفلسفة جديدة كليًا في كتابة المقالة، وهو ذا سبيكتيتر، الذي كتبه جوزيف أديسون وريتشارد ستيل. بحلول عام 1711، عندما بدأ ذا سبيكتيتر، كانت هناك صناعة أدب دوري مزدهرة بالفعل في لندن، لكن ذا سبيكتيتر كان المطبوع الدوري الأكثر نجاحًا وأهمية في ذلك العصر على الإطلاق. كان يُطبع كل إصدار على ورقة من القياس الوزيري، على كلا الوجهين، مع الإعلانات في بعض الأحيان، ولم تكن تُقرأ إصداراته على امتداد لندن فحسب، بل نُقلت إلى الريف أيضًا. حتى عشرين عامًا بعد توقف نشرها، كان الناس يعدون مجموعاتهم من الإصدارات من بين أغراضهم القابلة للتوريث. كان أسلوب أديسون النثري رزينًا وهادئًا وذا رصيد مثالي من الفقرات. أما أسلوب ستيل النثري فكان أكثر مباشرةً من أسلوب أديسون، وأكثر دنيوية. طورت الصحيفة عددًا من الشخصيات ذات الأسماء المستعارة، من بينها «مستر سبيكتيتر، روجر دي كوفرلاي»، و«آيزاك بيكرستاف» (شخصية مستعارة من جوناثان سويفت). استحدث كلا الكاتبين قصصًا ليحيطا بها رواة حكاياتهما. مثلًا، جاء روجر دي كوفرلاي من فناء كوفرلاي، كانت لديه عائلة، أحب الصيد، وكان فارسًا متينًا. كان التأثير شيئًا مشابهًا للروايات المسلسلة المَرحة، ممزوجًا بتأملات في الحماقات وتأملات فلسفية.
|
كانت الصحيفة تتبع سياسات حزب الأحرار البريطاني بصورة عامة، لكن دون شدةٍ أو تحذلق، ولهذا كتب عدد من المحافظين البارزين «رسائل» للصحيفة (لم تكن رسائل فعلية عمومًا، بل كانت مشاركات من كتّاب ضيوف بدلًا عن ذلك). كانت بنية الجملة المسبوكة بصورة لاتينية شديدة والنظرة الفاترة للعالم (موقف المشاهد بدلًا عن المشارك) عاملان جوهريان في تطور المقالة الإنجليزية، فقد وضع أرضيةً استطاع فيها أديسون وستيل الملاحظة والتأمل في المسائل والأحداث، بدلًا عن التحامل لصالح سياسات محددة أو أشخاص (كما كانت الحالة فيما سبق، أدب دوري أكثر انخراطًا بالسياسة) ودون الحاجة للاعتماد على الترفيه الضعيف (مثل صيغة السؤال والجواب التي نجدها في ذا أثينيان ميركُري). علاوة على ذلك، سمح موقف المشاهد للكتاب والقراء باللقاء كأنداد، بدلًا عن اللقاء كفيسلوف وطالب (مثلما كانت الحالة ومونتسكيو).
|
كان المقهى وبيت الشوكولاتة أحد الابتكارات الثقافية في أواخر عهد الاستصلاح، حيث كان يجتمع الزبائن لشرب القهوة أو الشوكولاتة (والتي كانت مشروبًا مثل الشوكولاتة الساخنة ولم تكن محلاة). كان كل مقهى في المدينة مرتبطًا بنوع محدد من الزبائن. فضّل التجار التطهيريون مقهى لويدز، مثلًا، وأسسوا لويدز لندن هناك. جذب مقهيا بتنز وويلز الكتاب، وأصبح أديسون وستيل محور نادي كيت كات الخاص بهما وكان لهما أثر قوي في اختيار أي الكتاب يلاقي شُهرة وأيهم لا. (هجا ألكسندر بوب هذا الأمر لاحقًا، إذ إن أتيكوس كان يتصرف مثل طاغية تافه تابع لـ «مجلس شيوخ صغير» مؤلف من المتملقين.) ساعدت مقالات أديسون، وبدرجة أقل منها مقالات ستيل، في وضع الإطار الحاسم لذك العهد. كانت مقالات أديسون عن المخيلة نافذة جدًا باعتبارها تقطيرًا وإعادة صياغة للفلسفة الجمالية. كان مستر سبيكتيتر يعلق على الموضات، غطرسة النساء، إقفار المحادثات، وحماقة الشباب.
|
بعد نجاح ذا سبيكتيتر، ظهرت المزيد من المطبوعات الدورية السياسية التلعيقية، من بينها ذا فيغلي توري، ذا غارديان وذا أوبزرفر (يُلاحظ أن أيًا من هذه المنشورات لم يستمر حتى يومنا الحالي دون انقطاع). أنشأ إدوارد كيف أول مجلة تحظى باهتمام عام سنة 1731 وسُميت مجلة ذا جينتلمانز ماغازين. وبدأت مجلة ذا جينتلمانز كارترلي بُعيد ذلك. قدّمت بعد هذه الصحف أخبارًا أكثر من التعليق، وقدم غيرها مراجعات للأعمال الأدبية الحديثة. نشأ العديد من المطبوعات الدورية في منطقة إنز أُف كورت، التي كانت مرتبطة بأسلوب الحياة البوهيمي منذ سبعينيات القرن السابع عشر. أعاد ذا رامبلر وذا إدلر اللذين أسسهما سامويل جونسون لاحقًا خلق وضعية مستر سبيكتيتر ذاتيًا ليعطيا بذلك منصة للتأملات والفلسفة، وكذلك النقد الأدبي.
|
بكل حال، أدركت الفصائل السياسية (يُذكرنا المؤرخ لويس بي. ناميير أنه لم توجد أحزاب سياسية بصورة رسمية في إنجلترا وقتها، مع أن سكان لندن كانوا يشيرون إليها كثيرًا إلى حد ما) وتحالفات السياسيين قوة الصحافة بسرعة شديدة، وبدؤوا بتمويل الصحف لنشر الشائعات. ذكرت التقارير أن وزارة روبرت هارلي (من عام 1710 - حتى عام 1714) أنفقت أكثر من 50.000 جنيه استرليني على إحداث ورشوة الصحافة. كتب السياسيون صحفًا، وكتبوا في صحفٍ، ودعموا أخرى، وكان معروفًا أن بعض المطبوعات الدورية، مثل ميستس جورنال، كانت بوقًا لحزب ما.
|
تاريخ الباراغواي هو نتيجة التطور والتفاعل بين الثقافات المختلفة للشعوب الأصلية المقيمة في الباراغواي والمهاجرين من وراء البحار، والذين شكلوا سويًا الباراغواي المعاصرة. تحتفل باراغواي بيوم استقلالها في الخامس عشر من مايو منذ عام 1811 حتى اليوم.
|
كتب وليام إي. باريت: «باراغواي بلد عجيب. هي ثاني أصغر بلد في القارة الأمريكية (وفقًا لعام 1952)، وهي أولى دول المستوطنات المجتمعية المحلية الأمريكية، وأولى دول القارة الأمريكية التي يحكمها دكتاتور مطلق (بالمعنى المعاصر لهذا التعبير)».
|
لمحة عامة.
|
وصل أوائل الإسبان إلى هذه المنطقة في بدايات القرن السادس عشر كجزء من رحلات استعمارية أدت إلى تشكيل الإمبراطورية الإسبانية العالمية. شكل الشباب الذكور غالبية المشاركين في هذه الرحلات، إذ لم تشارك أي امرأة أوروبية تقريبًا في رحلة استعمارية وراء المحيط. تزوج هؤلاء المهاجرون من النساء المحليات، ما أدى إلى تكوين جيل جديد مختلط (ميستيثو) وفئة الكريول المولودين محليًا من آباء أجانب. تحدث الأطفال لغات أمهاتهم الأصلية لكنهم نشؤوا متأثرين بالثقافة الإسبانية الكاثوليكية.
|
اتصف تاريخ باراغواي الاستعماري بالهدوء العام الذي تخللته بعض الاضطرابات السياسية. بسبب الاقتصاد البدائي في ذلك الوقت، كانت الباراغواي قليلة الأهمية بالنسبة إلى العرش الإسباني، كما أن البعد بين أسونسيون والمدن الساحلية في المنطقة والمدن الجديدة الأخرى في القارة الأمريكية الجنوبية شكلت أسبابًا إضافية لعزلة الباراغواي.
|
في الرابع عشر أو الخامس عشر (حسب الروايات المختلفة) من مايو عام 1811، أعلنت الباراغواي استقلالها عن إسبانيا. منذ ذلك الوقت عاشت البلاد تاريخًا من الحكومات الدكتاتورية، من النظام اليوتوبي لخوسيه رودريغيز غاسبار دي فرانسيا (الملقب إل سوبريمو أي القائد الأعلى) إلى الحكم الانتحاري لفرانسيسكو سولانو لوبيز الذي دمر البلاد تقريبًا في الحرب التي خاضها ضد القوات المجتمعة للبرازيل والأرجنتين والأرغواي منذ عام 1865 حتى 1870. انتهت حرب الباراغواي بأعداد هائلة من الخسائر البشرية في الباراغواي، والتنازل عن مساحات واسعة من الأراضي لصالح الأرجنتين والبرازيل. شكلت الأمة بعد الحرب نظامًا سياسيًا ثنائي الأحزاب (كولورادو ضد الليبرالي) سيطر عليه فيما بعد حزب كولورادو بشكل كلي، ولم يتحول إلى نظام متعدد الأحزاب إلا منذ فترة وجيزة.
|
بعد فترة من الاضطراب السياسي خلال العقود الثلاثة الأولى من القرن العشرين، دخلت الباراغواي في حرب تشاكو مع بوليفيا بهدف السيطرة على منطقة تشاكو. بين عامي 1932 و1935 سقط نحو 30,000 باراغواياني و65,000 بوليفي ضحية لهذه الحرب.
|
بين عامي 1870 و 1954، حكم الباراغواي 44 رئيسًا، أُجبر 24 منهم على التنحي في انقلابات عسكرية. في عام 1954 وصل الجنرال ألفريدو سترويسنر إلى السلطة وبقي فيها بمساعدة حزب كولورادو حتى عام 1989.
|
بالرغم من أن الصراعات العرقية المعرقلة للتطور الاجتماعي والاقتصادي كانت شبه معدومة في الباراغواي، كان هناك صراع اجتماعي ناتج عن نقص التوظيف والتفاوت الاقتصادي الهائل بين الأغنياء والفقراء الذين كانوا بمعظمهم من سكان القرى. حدثت خطوات إيجابية عديدة لتصحيح هذه الفوارق منذ عزل سترويسنر عام 1989، واحتلال الفلاحين لآلاف الفدادين من الأراضي التي استخدموها من أجل زراعة مقومات العيش الغذائية. يتجه النظام السياسي للبلاد نحو الوصول إلى ديمقراطية فعالة كليًا، لكن الأعراف السائدة من البنى المؤسساتية المتراتبة سياسيًا والمكافآت السخية على التحيزات السياسية بقيت سائدة.
|
الشعوب الأصلية.
|
كان الجزء الشرقي من باراغواي الحالية محتلًا من قبل شعوب غواراني لمدة 1000 سنة على الأقل قبل الغزو الإسباني للأمريكتين. تشير الأدلة إلى أن هذه الشعوب الأمريكية الأصلية طورت حضارة معقدة إلى حد ما نصف بدوية متصفة بالكثير من القبائل متعددة اللغات، والتي احتلت كلًا منها عدة مجتمعات مستقلة متعددة القرى.
|
كان الغواراني والكاريو والتابيه والإيتاتين والغواراخو والتوبي وعدد من المجموعات الفرعية الأخرى أشخاصًا كرماء سكنوا مساحة واسعة ممتدة من مرتفعات غيانا في البرازيل حتى نهر الأرغواي. كان شعب غواراني محاطًا بالقبائل المعادية، وكانوا يعيشون حروبًا متكررة. اعتقدوا أن وجود زوجة ثابتة هو أمر غير ملائم بالنسبة إلى المحاربين، لذلك كانت علاقاتهم الزوجية متفككة. مارست بعض القبائل الزواج التعددي الهادف إلى زيادة عدد الأبناء. كثيرًا ما كان زعماء القبائل يملكون من 20 إلى 30 محظية يشاركونها مع الزوار، لكنهم عاملوا زوجاتهم بشكل جيد. في الوقت ذاته كثيرًا ما عاقبوا الزناة المتزوجين بالقتل. كما هو حال القبائل الأخرى في المنطقة، كان شعب غواراني من أكلة لحوم البشر. كان أفراد هذه القبائل يأكلون أكثر أسرى أعدائهم شجاعة كطقس من طقوس الحرب بغية الحصول على الشجاعة والقوة من جثث الضحايا. استقبل الغواراني الإسبانيين وتطلعوا إليهم للحماية من القبائل المجاورة العدوانية، كما أملوا أن يقودهم الإسبان في حرب ضد شعب الإنكا.
|
لم تكن جميع مجموعات السكان المحليين ودودة ومضيافة مثل غواراني، إذ قاومت مجموعات شعب غران تشاكو مثل باياغوا (التي اقتُبس منها اسم باراغواي) وغياكورو وإمبايا وآبيبون وموكوبي وتشيريغوانو الاستعمار الأوروبي. ذكر المسافرون في منطقة تشاكو أن السكان الأصليين هناك كانوا قادرين على الوصول إلى سرعات خارقة في الجري، كما تمكنوا من ترويض الأحصنة البرية وامتطائها بالسرعة القصوى، وحتى صيد الغزلان بأيديهم العزلاء.
|
المستكشفون والغزاة الأوائل.
|
يأتي معظم التاريخ المكتوب الباكر للباراغواي من سجلات الاستعمار الفرنسي، بدءًا من عام 1516 ورحلة خوان دياز دي سوليس الفاشلة إلى نهر ريو دي لا بلاتا. في رحلة العودة وبعد مقتل سوليس، تحطمت إحدى السفن مقابل جزيرة سانتا كاترينا قرب الساحل البرازيلي. من بين النجاة كان هناك المغامر البرتغالي أليكسو غارسيا الذي امتلك معرفة عملية بلغة غواراني. كان غارسيا مهتمًا بقصص "الملك الأبيض" الذي يفترض أنه عاش بعيدًا باتجاه الغرب وحكم مدنًا فاحشة الثراء بالغة العظمة. طوال مدة ثمان سنوات تقريبًا جمع غارسيا الرجال والعتاد من أجل الذهاب في رحلة نحو عمق البلاد، فيما بعد قاد مجموعة من الرفاق الأوروبيين لغزو ونهب ممتلكات الملك الأبيض المزعوم.
|
اكتشفت مجموعة غارسيا شلالات إغوازو ثم عبرت نهر بارانا ووصلت إلى موقع أسونسيون -الذي أصبح عاصمة البلاد في المستقبل- قبل تأسيسها بثلاثة عشر عامًا. حاول عبور منطقة غران تشاكو ليخترق في النهاية الحدود الخارجية لإمبراطورية الإنكا. بعد مقتل غارسيا على يد حلفائه الهنود، وصلت أخبار غزوته إلى المستكشفين الإسبان على الساحل. جُذب المستكشف الإسباني سيباستيان كابوت إلى نهر باراغواي بعد ذلك بسنتين. كان كابوت مبحرًا إلى الشرق عام 1526 عندما سمع بمغامرات غارسيا. قرر أن نهر دي سوليس قد يمثل مدخلًا أسهل إلى المحيط الهادئ، لذلك أصبح أول أوروبي يستكشف مصب هذا النهر طمعًا منه في الحصول على ثروات البيرو.
|
بعد أن ترك قوة صغيرة في الساحل الشمالي للمصب العريض، تابع كابوت صعودًا في نهر بارانا لنحو 160 كيلومترًا، حيث وجد مستعمرة دعاها باسم سانكتي سبيريتو أو الروح القدس. تابع الصعود لـ 800 كيلومتر أخرى متجاوزًا نقطة الالتقاء مع نهر باراغواي. عندما أصبح التوجه صعبًا، عاد كابوت أدراجه بعد أن حصل على أدوات فضية قال الهنود إنها قادمة من أرض في الغرب البعيد. تقفى كابوت طريقه مرة أخرى على نهر بارانا ودخل نهر باراغواي. لدى إبحاره صعودًا في النهر، تاجر كابوت ورجاله بحرية مع أفراد قبائل غواراني إلى أن واجه هجومًا من قوة كبيرة عائدة لهنود آغاسيس. على بعد نحو أربعين كيلومترًا أدنى من موقع أسونسيون، التقى كابوت قبيلة من غواراني تملك عددًا من الأدوات الفضية التي قد تكون بعض غنائم كنز غارسيا. متخيلًا أنه وجد الطريق إلى ثروات البيرو، دعا كابوت هذا النهر باسم ريو دي لا بلاتا الذي يعني "نهر الفضة".
|
عاد كابوت إلى إسبانيا في عام 1530 وأخبر الإمبراطور كارلوس الخامس (1519 – 1556) باكتشافاته. أعطى كارلوس الإذن إلى الدون بيدرو دي ميندوزا بقيادة رحلة إلى حوض نهر بلاتا. كما عين ميندوزا كحاكم لإقليم الأندلس الجديدة ومنحه الحق في تعيين ولي عهده هناك. أثبت ميندوزا -الذي كان رجلًا مريضًا ومضطربًا نفسيًا- أنه عديم الفائدة كقائد، إذ كادت وحشيته أن تودي بالرحلة. فموقع المستعمرة الذي اختار ميندوزا الاستقرار فيه كأول مستعمرة إسبانية في أمريكا الجنوبية هو أسوأ مكان ممكن على الإطلاق، في فبراير عام 1536 بنى ميندوزا حصنًا في مكان سيئ المرسى على الجانب الجنوبي من مصب نهر بلاتا في سهل مقفر عاصف غير محمي لا تنمو فيه أي شجرة أو نبتة. كان هذا المكان مغبرًا في الموسم الجاف، ليتحول إلى مستنقع في موسم الأمطار، كما كانت تسكنه قبيلة كيراندي التي قاومت الإسبان بضراوة. متجاهلين كل هذه الظروف السيئة، استقر الإسبان في هذه النقطة ودعوها باسم بوينس آيرس أي ’الهواء اللطيف’.
|
في ذلك الوقت، عاد نائب ميندوزا خوان دي آيولاس الذي كان قد أُرسل في مهمة استطلاعية على مدى النهر جالبًا معه كمية من الذرة وأخبارًا بأن قلعة كابوت في سانكتي سبيريتو أصبحت مهجورة. أرسل ميندوزا آيولاس للبحث عن طريق مناسب إلى البيرو، وهكذا أبحر آيولاس مرة أخرى صعودًا في المخر برفقة دومينغو مارتينيز دي إيرالا حتى وصلا إلى خليج صغير على نهر باراغواي، والذي دعياه باسم كاناديلاريا الذي أصبح اليوم معروفًا باسم فويرتي أوليمبو. انطلق آيولاس برفقة نائبه إيرالا إلى الأدغال ولم يره أحد مرة أخرى.
|
بعد عودة ميندوزا بشكل مفاجئ إلى إسبانيا، استكشف فردان آخران من الرحلة هما خوان دي سالازار دي إسبينوزا وغونزالو دي ميندوزا نهر باراغواي والتقيا مع إيرالا الذي تركاه بعد فترة قصيرة. أبحر سالازار وميندوزا ثانية مع جريان النهر، وتوقفا في مكان جيد المرسى. بدأ الإسبان ببناء حصن في الخامس عشر من أغسطس عام 1537 تاريخ وليمة يوم انتقال العذراء، لذلك دعيت النقطة باسم أسونسيون (أي الانتقال).
|
خلال 20 عامًا، وصل عدد سكان المدينة الجديدة إلى 1500 ساكن، وأصبحت أسونسيون مركزًا تجاريًا لنقل الفضة بين القارات على الطريق بين البيرو وأوروبا. أصبحت أسونسيون مركز المقاطعة الإسبانية التي جمعت مساحات شاسعة في وسط أمريكا الجنوبية، والتي دعيت باسم المقاطعة الهندية العملاقة. كانت أسونسيون أيضًا قاعدة لاستعمار هذا الجزء من أمريكا الجنوبية، إذ انتقل الإسبان باتجاه الشمال الغربي عبر الأدغال لتأسيس سانتا كروز في دولة بوليفيا حاليًا، وباتجاه الشرق لاحتلال بقية باراغواي الحالية، وإلى الجنوب على امتداد النهر من أجل إعادة تأسيس بوينس آيرس، والتي تركها سكانها عام 1541 للانتقال إلى أسونسيون.
|
المستعمرة الفتية.
|
أدت الأجواء الضبابية التي أحاطت برحيل بيدرو دي ميندوزا إلى قيام شارل الخامس بإصدار "تعميم" فريد من نوعه في أمريكا اللاتينية الاستعمارية، منح المستعمرين الحق في انتخاب حاكم مقاطعة ريو دي لا بلاتا إما إذا فشل ميندوزا في تعيين خليفة له أو إذا توفي خلفه. انتخب المستعمرون إيرالا حاكمًا بعد ذلك بعامين. شمل نطاق صلاحياته جميع مناطق بارغواي الحالية والأرجنتين وأوروغواي ومعظم تشيلي، بالإضافة إلى أجزاء كبيرة من البرازيل وبوليفيا. أصبحت هذه المقاطعة في عام 1542جزءًا من مملكة نائب الملك الجديد في بيرو، التي اتخذت من ليما مقرًا لها. سيطر الجمهور الملكي في تشاركاس، ومقرهم في الوقت الحاضر سوكري، على الشؤون القانونية للمقاطعة ابتداءً من عام 1559.
|
حدد حكم إيرالا نمط الشؤون الداخلية لباراغواي حتى الاستقلال. وشمل سكان أسونسيون مهاجرين، معظمهم من الرجال، من فرنسا الحالية وإيطاليا وألمانيا وإنجلترا والبرتغال؛ بالإضافة إلى الإسبان. اختار هذا المجتمع المكون من حوالي 350 رجلًا زوجات وجواري من نساء غواراني؛ وكان لإيرالا وحده 70 جارية، إذ شجع رجاله على الزواج من هنديات والتخلي عن أفكار العودة إلى إسبانيا، وسرعان ما أصبحت باراغواي مستعمرة ميستيشو. وأدى استمرار وصول الأوروبيين إلى تطوير نخبة الكريولو.
|
انتهى السلام الذي ساد تحت حكم إيرالا عام 1542 عندما عين شارل الخامس ألفار نونييث كابيثا دي فاكا، أحد أشهر الغزاة في عصره، حاكمًا للمقاطعة. وصل كابيثا دي فاكا إلى أسونسيون بعد أن عاش لمدة ثماني سنوات بين سكان فلوريدا الإسبانية الأصليين. وانقسمت مقاطعة ريو دي لا بلاتا، التي تتكون الآن من 800 أوروبي، على الفور تقريبًا إلى فصيلين متحاربين. اتهم أعداء كابيثا دي فاكا الحاكم الجديد بالمحسوبية وعارضوا جهوده لحماية مصالح القبائل الأصلية. حاول كابيثا دي فاكا تهدئة أعدائه من خلال إطلاق رحلة استكشافية إلى غران تشاكو بحثًا عن طريق إلى بيرو، ما أثار هذا حفيظة قبائل غران تشاكو لدرجة أنها بدأت حربًا استمرت لعامين ضد المستعمرة وهددت بقاءها. أسر المستوطنون كابيثا دي فاكا في أولى ثورات المستعمرة ضد التاج، وأعادوه إلى إسبانيا مقيدًا، وأعادوا الحكم إلى إيرالا.
|
لم يحدث أي انقطاع إضافي في حكم إيرالا حتى وفاته عام 1556، وكانت فترة حكمه واحدةَ من أكثر الأمور إنسانيةً في العالم الجديد الإسباني في ذلك الوقت، وشهدت انتقال المستوطنين من غزاة إلى ملاك أراضي. وحافظ إيرالا على علاقات جيدة مع غواراني، وقام بتهدئة القبائل المعادية، واستكشف غران تشاكو، وبدأ علاقات تجارية مع بيرو. وشجع على البدء بصناعة النسيج وإدخال الماشية التي ازدهرت في التلال والمروج الخصبة في البلاد. وصل الأب بيدرو فرنانديز دي لا توري في 2 أبريل 1556، كأول أسقف لأسونسيون، بمناسبة التأسيس الرسمي للكنيسة الرومانية الكاثوليكية في باراغواي، وأشرف إيرالا على بناء الكاتدرائية وكنيستين وثلاثة أديرة ومدرستين.
|
استفز إيرالا الشعوب الأصلية في نهاية المطاف، ورضخ في السنوات الأخيرة من حياته لضغوط المستوطنين وأسس نظام "الإقطاعية"؛ والذي بموجبه حصل المستوطنون الإسبان على ممتلكات من أراضي السكان الأصليين، الذين كانوا يعيشون على هذه الأرض، إلى جانب الحق في العمل والإنتاج. ولكن سرعان ما تدهور نظام إلى عبودية افتراضية، رغم من أنه كان من المتوقع أن يهتم بالاحتياجات الروحية والمادية للسكان الأصليين. قُسم20 ألف من السكان الأصليين بين 320 إقطاعية، ما أشعل ثورةً قبليةً واسعة النطاق بين عامي 1560 و1561.
|
بدأ عدم الاستقرار السياسي يزعج المستعمرة وأصبحت الثورات شائعةً. ولم يستطع إيرالا فعل الكثير لوقف غارات اللصوص البرتغاليين على طول حدوده الشرقية، نظرًا لمحدودية موارده وقوته البشرية. ترك إيرالا باراغواي للأوروبيين مزدهرةً وفي سلام نسبيًا.
|
حقبة الديكتاتورية (1814- 1870).
|
انتخب الكونجرس عام 1814 خوسيه رودريغيز غاسبار دي فرنسا ليكون الديكتاتور "الأعلى" لباراغواي بعد السنوات الثورية الأولى. وتطورت باراغواي بشكل مختلف تمامًا عن بلدان أمريكا الجنوبية الأخرى في ظل ديكتاتوريات دي فرنسا بين عامي 1814 و1840؛ وتلاه كارلوس أنطونيو لوبيز (1814-1862) وفرانسيسكو سولانو لوبيز (1862-1870). لقد عززا التنمية الاقتصادية ذات الاكتفاء الذاتي، وملكية الدولة لمعظم الصناعات، وفرضوا درجة عالية من العزلة عن البلدان المجاورة. وتميز نظام عائلة لوبيز بمركزية قاسية في إنتاج وتوزيع البضائع، لم يكن هناك تمييز بين المجالين العام والخاص، وحكمت العائلة البلاد كما لو كانت ملكية كبيرة.
|
تدور هذه المقالة حول تاريخ قبرص للفترة من عام 1878 حتى الآن.
|
كانت قبرص جزءًا من الإمبراطورية البريطانية وتحت حكم الاحتلال العسكري للفترة من 1914 إلى 1925 وأحد مستعمرات التاج للفترة من 1925 إلى 1960. أصبحت قبرص دولة مستقلة في عام 1960.
|
قبرص البريطانية.
|
محمية قبرص (1878-1914).
|
في عام 1878، وتنفيذًا لمعاهدة قبرص، استلمت المملكة المتحدة جزيرة قبرص كمحمية من الإمبراطورية العثمانية في مقابل تقديم المملكة المتحدة الدعم العسكري للإمبراطورية العثمانية في حال محاولة روسيا الاستحواذ على الأراضي التابعة للعثمانيين في آسيا.
|
مُنح البريطاني الأول الذي أدار دفة الحكم في محمية قبرص لقب «المفوض السامي»، وشُغل هذا المنصب من قبل الفريق السيرغارنت جوزيف ولسلي (1833-1913). واجه البريطانيون مشكلةً سياسيةً كبرى في جزيرة قبرص. آمن القبارصة المحليون بحقهم في ضم جزيرتهم إلى دولة اليونان بعد سقوط الإمبراطورية العثمانية. أجرت السلطات البريطانية التعداد السكاني الأول في عام 1881، وُجد أن العدد الكلي للسكان في حينها 186,173 نسمة، كان 137,631 (73.9%) منهم من اليونانيين، و45,438 (24.4%) من الأتراك و3,084 (1.7%) من الأقليات مثل الموارنة واللاتينيين والأرمن. وجَّه أسقف مدينة كيتيوم القبرصية خطابًا إلى السيرغارنت جوزيف ولسلي عقب وصوله إلى مدينة لارنكا في يوم 22 من يوليو من عام 1878 والذي قال فيه: «نتقبل نحن (اليونانيون) الحكم البريطاني، لأننا نؤمن أن بريطانيا العظمى ستساعد قبرص على الانضمام إلى دولة اليونان، تمامًا كما فعلت مع الجزر الأيونية».
|
على الرغم من ترحيب القبارصة بالحكم البريطاني في بادئ الأمر وأملهم في تحقيق الرخاء والديمقراطية والتحرير الوطني، إلا أنهم خُذلوا في النهاية؛ إذ فرض البريطانيون ضرائب ثقيلة عليهم لتغطية نفقات التعويض الذي كانوا يدفعونه إلى السلطان العثماني مقابل تسليم قبرص لهم. إضافة إلى هذا، لم يُمنح المواطنون حق المشاركة في إدارة شؤون الجزيرة، واحتُكرت السلطة من قبل المفوض السامي ولندن.
|
قبرص البريطانية (1914-1960).
|
كانت قبرص جزءًا من الإمبراطورية البريطانية وتحت حكم الاحتلال العسكري للفترة من 1914 إلى 1925 وأحد مستعمرات التاج للفترة من 1925 إلى 1960.
|
انتهت الحماية البريطانية لقبرص في عام 1914 بعد إعلان الإمبراطورية العثمانية الحرب على قوى الوفاق الثلاثي، والتي كانت بريطانيا العظمى جزءًا منها. ضمت الإمبراطورية البريطانية جزيرة قبرص إلى إمبراطوريتها في 5 نوفمبر من عام 1914. خلال الحرب العالمية الأولى، عرضت بريطانيا التنازل عن قبرص وتسليمها إلى اليونان في حالة الوفاء بالتزاماتهم التعاهدية في مهاجمة بلغاريا، لكن اليونان رفضت ذلك.
|
أعلنت بريطانيا قبرص كمستعمرة للتاج تحت اسم قبرص البريطانية في عام 1925، وحكمتها في ظل دستور غير ديمقراطي.
|
تولد الاعتراف الدولي بجمهورية تركيا الجديدة من خلال معاهدة لوزان في عام 1923 والتي اعترفت بموجبها الحكومة التركية الجديدة رسميًا بسيطرة بريطانيا على قبرص (المادة 20). أُعيد تشكيل الحكومة في نهايات عشرينيات القرن العشرين، وانتُخب بعض أعضاء المجلس التشريعي (أُسس في عام 1926) من قبل القبارصة، لكن مشاركتهم كانت هامشية جدًا. أُلغي المجلس التشريعي في عام 1931.
|
آمن القبارصة اليونانيون أن الظروف قد أصبحت مواتية لطلب ضم جزيرة قبرص إلى اليونان في ما يُعرف باسم «إينوسيس» وذلك أسوةً بالجزر الأيجية والأيونية التي ضُمت إلى اليونان بعد انهيار الإمبراطورية العثمانية. في السنوات اللاحقة، تطورت مطالب القبارصة اليونانيين لتحقيق الإينوسيس (الاتحاد مع اليونان) بشكل متسارع وخاصةً في ثلاثينيات القرن العشرين، ما أدى إلى تدمير دار المندوب السامي في مدينة نيقوسيا، إذ أُحرق خلال ثورة قبرص في عام 1931.
|
البّالمرقراطية.
|
كانت الفترة بين أكتوبر 1931 وأكتوبر 1940 من أكثر الحقب صعوبة على القبارصة. اتخذ الحاكم في وقتها، السير ريتشموند بّالمر، مجموعةً من التدابير القمعية من ضمنها فرض تقييدات على إدارة وعمل المدارس اليونانية، وحظر الاتحادات والجمعيات التجارية بجميع أنواعها وأشكالها. عُرف نظام الحكم هذا باسم «البّالمرقراطية»، والذي سُمي على اسم الحاكم. هدَفَ هذا النظام إلى منع الاهتمام المحلي بالسياسة. خرج القبارصة باحتجاجات شديدة ضد هذا النظام إلا أن التدابير القمعية لم تُرفع حتى بداية الحرب العالمية الثانية، والتي انضم خلالها أكثر من ثلاثين ألف قبرصي إلى القوات البريطانية المسلحة.
|
فشلت المساعي البريطانية في تقديم حكومة دستورية في جزيرة قبرص مصممة لإشراك القبارصة اليونانيين فيها دون الاتحاد مع اليونان، وذلك بالرغم من جهود البريطانيين الحثيثة لتأسيس حكومة ذات مظهر ليبرالي ديمقراطي وخاصة من قبل حكومة العمال المؤسسة بعد الحرب العالمية الثانية في بريطانيا.
|
الاتحاد المقترح مع اليونان.
|
في عام 1948، أعلن بول ملك اليونان عن رغبة قبرص في الاتحاد مع اليونان. أجرت الكنيسة القبرصية الأرثوذكسية استفتاءً شعبيًا والذي بيّن تأييد ما يقارب 97% من السكان القبارصة اليونانيين للاتحاد مع اليونان. وافقت الأمم المتحدة على الالتماس اليوناني وأصبح الإينوسيس قضيةً دولية. انضمت كل من اليونان وتركيا إلى عضوية حلف شمال الأطلسي في عام 1952. بعد الحرب، قدَّم وفدٌ من قبرص طلبًا لإجراء الإينوسيس إلى لندن. رُفض هذا الطلب من البريطانيين لكنهم اقترحوا إنشاء دستورٍ أكثر ليبرالية وبرنامجًا للتنمية الاقتصادية والاجتماعية ممتدًا على مدى 10 سنوات.
|
في خمسينيات القرن العشرين، ساهم مكاريوس الثالث رئيس وكبير أساقفة الكنيسة القبرصية الأرثوذكسية في تجدد مطالبة القبارصة اليونانيين بإجراء الإينوسيس، وذلك بعد إفصاح اليونان عن دعمها لهذا المطلب في الساحة الدولية. أدت هذه المحاولة إلى إحساس الدولة التركية والقبارصة الأتراك بالخطر.
|
اتخذت بريطانيا من جزيرة قبرص مقرًا رئيسيًا لها في الشرق الأوسط، وذلك بعد انسحابها من مصر.
|
حالة الطوارئ في قبرص.
|
أدى عدم رضوخ بريطانيا للضغط الدولي إلى تصاعد وتيرة العنف عن طريق تنظيم حملة ضد القوة الاستعمارية من خلال «الأيوكا» وهي مختصر لما يُعرف باسم «المنظمة الوطنية للمقاتلين القبارصة». كان لقائد الأيوكا، الكولونيل جورج جريفاس، دورٌ كبير في إنشاء وتوجيه حملة مثمرة ضد القوة الاستعمارية في عام 1955. فُجرت القنابل الأولى في الأول من شهر أبريل، وتُبعت بتوزيع منشورات على السكان. بدأت الهجمات على مراكز الشرطة في 19 يونيو. أعلن الحاكم البريطاني حالة الطوارئ في 26 نوفمبر 1955.
|
في السنوات الأربع التالية، هاجمت حركة الأيوكا البريطانيين أو الأهداف ذات العلاقة ببريطانيا والقبارصة الذين اتهمتهم بالتعاون مع السلطات البريطانية. نُفي مكاريوس الثالث رئيس وكبير أساقفة الكنيسة القبرصية الأرثوذكسية مع عدد من رجال الدين والسياسيين القبارصة بشكلٍ قسري إلى السيشل. قُتل 371 من الجنود البريطانيين وهم يحاربون حركة الاستقلال خلال إعلان حالة الطوارئ في قبرص، من ضمنهم أكثر من 20 جنديًا خلال «عملية ألفونس المحظوظ».
|
اختُرقت القوات الأمنية البريطانية بسهولة من قبل المتعاطفين مع القبارصة اليونانيين الذين يؤدون مهامًا ثانوية مختلفة، لذا فقد كان على هذه القوات، التي كانت تحت قيادة المشير السير جون هاردينغ، أن تبذل جهودًا عظيمة لقمع حركة الاستقلال. نجحوا في قمع الحركة إلى حدٍ كبير، لكن لم تتوقف الهجمات على العناصر البريطانية بشكل تام. نُفي مكاريوس الثالث بسبب الاشتباه في ضلوعه في حملة الأيوكا، لكن أُطلق سراحه بعد موافقة الأيوكا على إيقاف الأعمال العدائية في مقابل إطلاق سراح كبير أساقفة الكنيسة القبرصية الأرثوذكسية وعودته إلى موطنه.
|
كانت هناك مباحثات مستمرة في حلف شمال الأطلسي لتحقيق استقلال قبرص، لكن باءت هذه الجهود الساعية لتكوين دولة قبرصية مستقلة وعضوة في دول الكومنولث بالفشل.
|
الطبيعانية الإنسانية هي فرع من الطبيعانية الفلسفية حيث يكون البشر أفضل قدرة على السيطرة على العالم وفهمه من خلال استخدام الطريقة العلمية، بالإضافة إلى القيم الاجتماعية والأخلاقية للإنسانية. تعتبر مفاهيم الروحانية، والحدس، والميتافيزيقية ذاتية القيمة فقط، في المقام الأول لأنها لا يمكن تبريرها، وبالتالي لا يمكن أن تتخطى أبدًا مجال الرأي الشخصي. لا يتم رسم الحدود بين الطبيعانية وما يكمن "وراء" الطبيعة؛ كل شيء يعتبر نتيجة لعمليات يمكن تفسيرها داخل الطبيعة، مع عدم وجود شيء خارجها.
|
مينيابوليس (بالإنجليزية: Minneapolis) هي مدينة تقع في ولاية مينيسوتا في الولايات المتحدة ومقر مقاطعة هينيبين. قُدر عدد سكانها في عام 2019 بـ429,606 نسمة، وتحتل المرتبة 46 ضمن المدن الأكثر سكانًا في الولايات المتحدة. تُعرف سبع مقاطعات تشمل مينيابوليس وجارتها سانت بول بالمدن التوأم. في عام 2019، شكلت هذه المقاطعات بالإضافة إلى 16 مقاطعة أخرى منطقة مينيابوليس سانت بول بلومنتن الكبرى التي يبلغ عدد سكانها 3.6 مليون نسمة، وتشكل مع 22 مقاطعة أخرى منطقة إحصائية مشتركة يبلغ عدد سكانها أربعة ملايين نسمة.
|
تقع مينيابوليس على ضفتي نهر المسيسيبي، شمال التقاء النهر بنهر مينيسوتا مباشرة، وتجاور سانت بول عاصمة الولاية. تمتلك المدينة واحد من أفضل أنظمة المتنزهات في البلاد، وتتوافر المياه فيها بكثرة، إذ تحتوي على 13 بحيرة ومناطق رطبة ونهر المسيسيبي وجداول وشلالات مائية، ويرتبط الكثير منها ضمن سلسلة متنزهات غراند راوندز الوطنية ذات المناظر الطبيعية الخلابة. تحتوي المدينة والمنطقة المحيطة بها على أكبر عدد من السكان وهي مركز الأعمال الرئيسي بين شيكاغو وسياتل. تاريخيًا، كانت مينيابوليس سوقًا للأخشاب، وأصبحت عاصمة طحن الدقيق في العالم، وحافظت على نفوذها المالي حتى يومنا هذا.
|
ترسيخًا للموسيقى القوية والفنون المسرحية، تحتضن مينيابوليس مسرح غوثري ونادي فيرست أفنيو الليلي. تجسيدًا لمكانة المنطقة باعتبارها مركزًا للموسيقى الشعبية وموسيقى الروك والفانك والبديلة، كانت المدينة منطلقًا للعديد من الموسيقيين الأكثر تأثيرًا في القرن العشرين، بما في ذلك بوب ديلن وبرنس. برز العديد من فناني الهيب هوب والراب مثل ليزو وبروذر علي وأتموسفير وديسا.
|
تاريخيًا.
|
سكان داكوتا الأصليين وتأسيس المدينة.
|
كانت قبيلة داكوتا المقيم الوحيد في المنطقة قبل الاستعمار الأوروبي للأمريكيتين. تُعرف المدينة باسم بديوتا أوثنيو في لغة داكوتا والذي يعني مدينة البحيرات الكثيرة.
|
وصل المستكشفون الفرنسيون إلى المنطقة في عام 1680. توافد المزيد من المستوطنين الأوروبيين الأمريكيين شيئًا فشيئًا، وتنافسوا ضد الأمريكيين الأصليين على الغنائم والموارد الأخرى. بموجب معاهدة باريس في أعقاب الثورة الأمريكية، أصبحت الأراضي البريطانية شرق نهر المسيسيبي جزءًا من الولايات المتحدة. في مطلع القرن التاسع عشر، استحوذت الولايات المتحدة على الأراضي الواقعة إلى غرب النهر من فرنسا بموجب صفقة لويزيانا. بنى الجيش الأمريكي حصن سنيلنغ في عام 1819 في الطرف الجنوبي من مينيابوليس الحالية، لتوجيه نشاطات التجارة الهندية بعيدًا عن التجار البريطانيين الكنديين، ومنع قبيلتي داكوتا وأوجيبوا في الشمال من قتال بعضها البعض. اجتذب الحصن التجار والمستوطنين، ما ساهم في تحفيز نمو المنطقة. فرض عملاء وكالة سانت بيترز الهندية التي بُنيت في الحصن سياسة الولايات المتحدة المتمثلة في ضم الأمريكيين الأصليين إلى المجتمع الأوروبي الأمريكي، وطالبوهم بالتخلي عن الصيد للحصول على الرزق وتعلم الحرث لممارسة الزراعة. ضغطت الحكومة الأمريكية على داكوتا لبيع أراضيهم المتنازل عنها في سلسلة من المعاهدات. نقضت الولايات المتحدة المعاهدات أثناء الحرب الأهلية، ما أسفر عن تفشي الجوع واندلاع الحرب وعمليات الاعتقال في قبيلة داكوتا ونفيها من مينيسوتا.
|
بالاحتيال على زعيم الحصن، زعم فرانكلين ستيل أحقيته بالضفة الشرقية من شلالات سانت أنتوني، وبنى جون ستيفنز منزله على الضفة الغربية. كان لدى السكان أفكار مختلفة حول اسم مجتمعهم. في عام 1852، اقترح أول مدير مدرسة في المدينة، تشارلز هوغ، تسمية المنطقة مينيابوليس، وهو اسم يجمع بين كلمة مينيا (التي تعني الشلال في لغة داكوتا) وكلمة بوليس (التي تعني مدينة باليونانية)، وأصبح اسمها مينيابوليس أي «مدينة الشلالات». أقرت الهيئة التشريعية الإقليمية في مينيسوتا بمينيابوليس بلدة في عام 1856، على الضفة الغربية في ولاية ميسيسيبي. في عام 1867، أُدرجت مينيابوليس مدينة وانضمت لاحقًا إلى مدينة سانت أنتوني شرق الضفة في عام 1872.
|
الطاقة المائية، طحن الدقيق ونشر الخشب.
|
تمحورت مينيابوليس حول مصدر الطاقة في شلالات سانت أنتوني، أعلى شلال على نهر المسيسيبي. ساهم وجود الغابات في شمال مينيسوتا في تحفيز صناعة الأخشاب، وجرى تشغيل 17 منشرة على الطاقة المستمدة من الشلال. بحلول عام 1871، احتوت ضفة النهر الغربية على 23 مشروعًا تجاريًا، بما في ذلك مطاحن الدقيق ومصانع المنسوجات وأشغال الحديد وورش سكك الحديد الميكانيكية ومصانع القطن والورق والصلصال والخشب. نظرًا للمخاطر المهنية المحيطة بعملية الطحن، تنافست ست جهات على تصنيع الأطراف الاصطناعية بحلول تسعينيات القرن التاسع عشر. زرع مزارعو السهول الكبرى الحبوب المنقولة عبر السكك الحديدية إلى مطاحن الطحين الأربعة والثلاثين في المدينة. استخدمت المطاحن الطاقة المائية منذ القرن الأول قبل الميلاد، ووُصفت النتائج في مينيابوليس بين عامي 1880 و1930 بأنها «أعظم مركز يعمل بالطاقة المائية على الإطلاق». على مدى نصف القرن الحالي، تفوقت مينيابوليس في طحن الدقيق على الصعيد العالمي.
|
أحدث كادوالادر كولدن واشبورن، رائد الطحن الحديث في أمريكا ومؤسس ما أصبح شركة جنرال ميلز، ثورة في أعماله بتقليل الاعتماد على الطاحونة الحجرية تدريجيًا واستبدالها بالمطاحن الدوارة المصنوعة من الفولاذ والخزف القادرة على إنتاج الدقيق الأبيض النقي ذو الجودة العالية بسرعة كبيرة. طور ويليام ديكسون غراي بعض الأفكار المتعلقة بالطحن ويزعم البعض أن ويليام دي لا بري حصل عليها عن طريق التجسس الصناعي على المجر. كانت شركة بيلسبيري التي أنشأها تشارلز ألفريد بيلسبيري عبر النهر متخلفة بخطوة عن الآخرين، إذ استأجرت موظفي واشبورن لتوظيف الطرق الجديدة على الفور. أصبح قمح الربيع الأحمر الصلب الذي ينمو في مينيسوتا ذو قيمة (ارتفع الربح في عام 1871 من 0.50 دولار إلى 4.50 دولار للبرميل في عام 1874)، وكانت «براءة اختراع» الدقيق في مينيسوتا معترفًا بها في ذلك الوقت باعتباره الأفضل في العالم. لم يكتشف المستهلكون قيمة النخالة التي «اعتادت مصانع دقيق مينيابوليس إلقاءها» في الميسيسيبي إلا في وقت لاحق.
|
بإمكان طاحونة واحدة في واشبورن كروسبي أن تصنع الدقيق لاثني عشر مليون رغيف خبز يوميًا، وبحلول عام 1900، كانت نسبة 14% من الحبوب الأمريكية تُطحن في مينيابوليس. بلغت الصادرات ذروتها في عام 1900، حيث شُحن نحو ثلث إجمالي الدقيق المطحون في مينيابوليس إلى الخارج.
|
التوترات الاجتماعية.
|
أجرت المدينة تغييرات للحد من التمييز منذ عام 1886 عندما أنشأت مارثا ريبلي مستشفى الولادة للأمهات المتزوجات وغير المتزوجات على حد سواء. عُرف العمدة دوك أميس في البداية باسم الطبيب اللطيف، إلا أنه عين شقيقه رئيسًا للشرطة وقاد المدينة نحو الفساد وحاول مغادرة المدينة في عام 1902. نشر لينكولن ستيفينز قصة أميس في كتاب «عار مينيابوليس» الصادر عام 1903. انخرط رجل العصابات كيد كان في أعمال الرشوة والتخويف من عشرينات القرن العشرين وحتى أربعينياته.
|
كان للتعصب وجود في العديد من المحافل خلال أوائل القرن العشرين. في عام 1910، كتب أحد مطوري مينيابوليس عهود تقييدية على أساس العرق في سنداته. نسخ مطورون آخرون هذه العهود، مانعين بذلك الأمريكيين الآسيويين والأفارقة من امتلاك أملاك معينة أو تأجيرها. على الرغم من أن هذا الفعل كان محظورًا بموجب قانون الولايات في عام 1953 والقانون الفيدرالي للإسكان العادل لعام 1968، بقي العمل بالعهود التقييدية ضد الأقليات قائمًا في العديد من سندات مينيابوليس حتى عام 2021، عندما منحت المدينة السكان وسيلة لإزالتها مؤخرًا. نجحت منظمة كو كلوكس كلان في دخول الحياة الأسرية، ومثلت قوة فعلية في المدينة منذ عام 1921 وحتى عام 1923. بعد أن أجازت مينيسوتا قانون تحديد النسل في عام 1925، ساهم أصحاب مستشفى إيتل بتعقيم نحو ألف شخص في مستشفى فيربولت الحكومي.
|
Subsets and Splits
No community queries yet
The top public SQL queries from the community will appear here once available.